بقلم :فاطمة بوجرتاني
تعد الأنفلونزا عدوى فيروسية حادة تنتقل
بسهولة من شخص إلى آخر، وتنتشر على مدار السنة في جميع أنحاء العالم، وتتمثل أعراضها
بظهور مفاجئ لحمّى، التهاب في الحلق، صداع، ألم عضلي، قُشعريرة، فقدان الشهية،
التعب والشعور بالضيق الشديد، وعُموماً، تستمرّ الحُمّى من 3 إلى 5 أيام يُرافقها
سُعال جافّ وسيلان في الأنف.
يمكن لفيروس الأنفلونزا شديد العدوى أن
ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الرذاذ بالسعال أو العطس،أو عن طريق الأيدي الملوّثة
بسهولة تامّة.
تعتبر الأنفلونزا مُعدية لدى البالغين
ابتداء من اليوم الذي يسبقُ ظهور أعراض المرض وتصلُ إلى 5 أيام بعد ظهوره ، كما أن
الأشخاص الذين يُعانون من كبت المناعة الشديد يُمكنُ أن يكونوا سبباً في نقل
الفيروس لعدّة أسابيع أو أشهر. كما أن الأطفال بإمكانهم أن يكونوا مُعديين لأكثر
من 10 أيام بعد ظهور الأعراض، خاصة الأطفال الذين يقضون يومهم في الحضانة أو في المدرسة
الابتدائية فهم في غلب الأحيان السبب الأول في نقل العدوى فيما بينهم، لأنهم حاملون
لفيروس الأنفلونزا بصفة كبيرة.
أصبحت الأنفلونزا مشكلاً عالمياً
يُهدّد الصحة العامة، فهي مسؤولة عن بعض الأمراض الخطيرة، والوفيات خاصة بين
الفئات المعرضة لخطر الإصابة بالمرض (الأطفال الصغار، كبار السن أو المصابين
بأمراض مزمنة). وتُقدّر منظمة الصحة العالمية بأنه خلال فترة الأمراض السنوية
للأنفلونزا الموسمية، يتأثر من 5 إلى 15% من السكان بالتهابات الجهاز
التنفسي العلوي، كما يُقدّرُ أن العدوى تُصيب 5-10% من البالغين و20-30% من
الأطفال سنويا في العالم.
تسجّلُ سنويا ما بين ثلاثة وخمسة ملايين
حالة مرض شديدة وما بين 250 ألف و500 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، ويُمكن
أن تكون الأنفلونزا مسؤولة عن مضاعفات صحية خطيرة مثل الالتهاب الرئوي الفيروسي أو
الالتهابات البكتيرية الثانوية مثلاً. كما يُمكن أن تتسبب الأنفلونزا في تفاقم
الأمراض المزمنة، مثل القصور في القلب أو داء السكري. أما الأشخاص الأكثر عُرضة
لخطر مُضاعفات الأنفلونزا فهم الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن السنتين، كبار السن
البالغين سنّ 65 عاماً فأكثر والأشخاص من جميع الفئات العمرية الذين يُعانون من أمرض
مزمنة (أمراض الرئة، أمراض الكلى، أمراض الكبد، أمراض الدّم، داء السكري) أو
الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة.
ويزداد خطر الوفاة بسبب الأنفلونزا ومضاعفاتها
لدى الأشخاص في سن 50 عاماً. إذ أن الأنفلونزا تصبح أكثر حدّة وخطورة مع تقدم السن
بسبب ضعف جهاز المناعة وتواتر الأمراض المزمنة، مما يسبب أكثر من 90% من
الوفيات وسط المصابين بالأنفلونزا وسط
الأشخاص المسنين والمصابين بالأمراض المزمنة.
تستخدم تطعيمات آمنة وفعّالة ضدّ فيروس
الأنفلونزا منذ أكثر من 60 سنة، إذ يُعدّ التلقيح أمراً مُهماً خاصة بالنسبة
للأشخاص المُعرضين لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة وبالنسبة لأولئك الذين يعيشون مع
الأشخاص المعرضين للخطر أو الذين يهتمون بهم. بالنسبة للمرضى كبار السّن، يُمكنُ أن
يُقلّل التلقيح من حالات الوفيات الناتجة عن الإصابة بمرض الأنفلونزا (التهابات
خطيرة ومضاعفات) بنسبة 60% ومن عدد الوفيات الناتجة عن الأنفلونزا
بنسبة 80%. ويقي التلقيح ضدّ الأنفلونزا من حوالي 70 إلى 90% من
الأمراض السريرية لدى البالغين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و59 عاماً،
وذلك مع الاستعمال الجيد والموازي لمستضدات اللقاح والفيروسات المنتشرة. إن فوائد
التطعيم ضدّ الأنفلونزا لدى هذه المجموعة من الأشخاص البالغين الأصحاء بمن فيهم
الطاقم المعالج يُبرر التكاليف لأنه يمنع التغيب عن العمل وفقدان الإنتاجية عن
طريق الحدّ من الإصابة وثقل المرض.
تجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من
تنفيذ تدابير الرقابة وتوفير العلاجات العرضية أو المحددة (المضادة للفيروسات) ضدّ
الأنفلونزا، وعلى الرغم من أنّ جودة وتوافر واستخدام لقاحات غير فعّالة ضدّ الأنفلونزا
قد تحسّنت كثيراً، تواصل بعض الأمراض حصد العديد من الأرواح المهمة كل سنة في جميع
أنحاء العالم، وما زال العديد من الأشخاص في وضع خطر ولم يتم تلقيحهم وجدّ معرضين
للعدوى ومضاعفاتها، إذ لا زالت الأنفلونزا مشكلة أساسية للصحة العامة.
ويبقى إقناع المرضى بالتلقيح أحد
التحديات الرئيسية في الوقاية من الأنفلونزا نظرا لجهلهم بالتأثير الحقيقي لهذا
المرض وضرورة تكرار التطعيم سنوياً، وغياب أي توصية من الطاقم الطبي، ووجود أحكام
مسبقة عن المرض أو اللقاح وعدم فهم عملية التطعيم من بين العقبات الرئيسية أمام
التلقيح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق