السبت، 10 مارس 2018

المنسي

بقلم:الكاتب مصطفى رضوان

كعادته دائما و ككل صباح يستيقظ سليم. .يحمل قلمه و دفتره و يتسلل كطفل صغير ليغادر غرفة نومه تاركا زهرة تغط في نوم عميق تحلم بإبنها المنسي في ديار الغربة. .يحملق في محياها مليا و كأنه يودعها محاولا تذكر تفاصيل وجهها فبعد إصابته بمرض الزهايمر لم يعد سليم يتذكر أحدا سوى مشاركته في مسرح العروبة و مغامراته أيام الشباب و حبه العميق للمسرح و الشعر و حبه الأعمى لزهرة  لطالما تغنى بجمالها . .و عيونها العسلية و شعرها الأفحم ..حين تبتسم زهرة تبتسم معاها الحياة ..تذكر سيجارته بدرج مكتبه كاد أن يسقط على جثة زوجته الملقية فوق سريره المتهرء. .فتح الدرج لم يجد السيجارة أحس بدوار شديد، انتفخت أوداجه و كاد ينفجر غضبا على زهرة التي ما فتيءت تخفي سجائره أو ترميها من شرفة البيت. .تذكر أنه توقف عن التدخين لسنوات طوال بعدما حدره الأطباء من مغبة الإصابة بمرض خطير .. ابتسم في صمت نظر إلى صورة تشيغفارا المعلقة فوق رأسه إلى جانب صورة زهرة. .لاشيء يحلو أو يعلو على صوت الحب و الثورة .. قدم التحية لرمز الثورة و النضال تم هرول مسرعا نحو المقهى قبل أن تستيقظ زهرة.. ارتشف قهوته السوداء. .أخرج قلمه و كراسته و غاص في مخيلته لايكاد يشعر بمن حوله. .أحيانا يشرءب بعنقه أو يلوح بيده ليرد التحية 
صباح الخير أستاذ سليم
صباح الخير
ينظر إلى تلك الوجوه التي تبادله التحية الصباحية لا يكاد يتذكر منها أحد. .
قصتي لهذا اليوم زهرة و الثورة
يحمل كراسته يخرج مسرعا من المقهى. .زهرة في انتظاره.. يلتفت يمينا و يسارا. .لا يدري في أي اتجاه يكون منزله..كبرياؤه و عزة نفسه و في كثير من الأحيان غروره يمنعه من سؤال أصدقاء المقهى عن مكان منزله. .يتخد القرار بنفسه ، يسارع الخطى لايعلم إلى أين يذهب كل ما يتذكره هو وجه زهرة و الثورة. .بعد ساعات طوال. .و بعد أن ينفذ صبر زهرة و يأخذ منها الخوف كل مأخذ تخرج زهرة مسرعة تبحث عن سليم. .تعلم علم اليقين أن زوجها ظل الطريق كعادته و ربما يجلس بقرب إحدى المساجد في انتظار أن تلتقي به ..
هناك قرب المسجد الكبير توجد حديقة  محيطة بالمسجد ،حيث ينام السكارى و المتشردون، كان سليم يجلس القرفصاء يختبئ في معطفه القديم يكابد قصاوة البرد. .فإذا بشخص يقف على مقربة منه ، نظر إليه سليم بتثاقل. .إبتسم في صمت. .مد يده إليها لتنتشله من الأرض .. لم يعد يقوى على الوقوف. .وضع يده على كتفها. .يسير الى جنبها يحدثها عن زهرة و الثورة، قصته الجديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق